مسائل متفرقة في الإجماع.

مسألة:

665- اختلف الأصوليون في أن الإجماع في الأمم السالفة هل كان حجة.

فزعم زاعمون أن إثباته حجة من خصائص هذه الأمة فإنها أمة مفضلة على سائر الأمم مزكاة بتزكية القرآن قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 1 وقال تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} 2.

ومنع مانعون هذا الفرق فقالوا لم يزل الإجماع حجة في الملل.

وقال القاضي لست أدري كيف كان ولا يشهد له موجب عقلي على وجوب التسوية ولا على وجوب الفرق ولم يثبت عندنا في ذلك قاطع من طريق النقل فلا وجه إلا التوقف.

666- والذي أراه: أن أهل الإجماع إذا قطعوا فقولهم في كل مسألة يستند إلى حجة قاطعة فإن تلقى هذا من قضية العادات والعادات لا تختلف إلا إذا انخرقت فأما إن فرض إجماع من قبلنا على مظنون من غير قطع فالوجه الآن ما قاله القاضي فإنا لا ندري أن الماضيين هل كانوا يبكتون من يخالف مثل هذا الإجماع أم لا وقد تحققنا التبكيت في ملتنا.

مسألة.

667- نقل أصحاب المقالات عن مالك رضي الله عنه أنه كان يرى اتفاق أهل المدينة يعني علماءها حجة وهذا مشهور عنه ولا حاجة إلى تكلف رد عليه فإن صح النقل فإن البقاع لا تعصم ساكنيها ولو اطلع مطلع على ما يجري بين لابتي المدينة من المجاري قضى العجب فلا أثر إذا للبلاد ولو فرض احتواء المدينة على جميع علماء الإسلام فلا أثر لها فإنه لو اشتمل عليهم بلدة من بلاد الكفر ثم أجمعوا لاتبعوا والظن بمالك رحمه الله لعلو درجته أنه لا يقول بما نقل الناقلون عنه نعم قد يتوقف في الأحاديث التي نقلها علماء المدينة ثم خالفوها لاعتقاده فيهم أنهم أخبر من غيرهم بمواضع الأخبار وتواريخها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015