عنه مهربا ولم يبق بيده مستمسك يحاول به إثبات غرضه فهذا نوع من السؤال متقدم على الخلاف في المسألة التي نحن فيها.
648- والسؤال الثاني أن نقول إن ثبت الانتشار فلعل بعض العلماء أنكر فدعوى سكوتهم لا اعتضاد له بثبت وتحقيق وغاية الخصم فيه أن يقول لو جرى إنكار لاشتهر وعنه جوابان واقعان أحدهما أنه إنما يشتهر كل خطب ذي بال وإنكار واحد من العلماء على قاض من القضاة ليس من الأمور الجسيمة التي تتوفر الدواعي على نقلها فهذا وجه والوجه الثاني أن نقول لعله اشتهر أولا ثم انصرفت الدواعي عن المواظبة على تذكاره ودرس ما كان متواترا وذلك كثير في العرف وهذه الطلبات لا محيص عنها ولا يتواصل الخصم معها إلى تصوير صورة المسألة من الانتشار وعدم الإنكار على قطع استمرار فإن تأتي له التصوير وهيهات فما قدمناه قاطع من تقابل الاحتمالات في محامل السكون ولا سبيل إلى القطع مع التردد فهذه إحدى الصورتين.
649- والصورة الثانية لا يتجه فيها بعض هذه الأسئلة وهي كتعلق أصحاب أبي حنيفة في ترك انتظار بلوغ الأطفال في الاقتصاص بحديث قتل الحسن بن علي رضي الله عنهما عبد الرحمن بن ملجم وفي الورثة صبيان فلا سبيل في هذه القصة إلى ابداء مراء في الانتشار فإن الأمر عظيم والخطب جسيم ولكن ينقدح ادعاء نكير من بعض العلماء من غير انتشار الإنكار وسبيل التقرير ما مضى ثم وراء تسليم ذلك الدليل القاطع الذي قدمناه وين1م إلى تحقيقه حكم الأب في ترك الاعتراض على الأئمة فإنه ليس للعلماء إذا جرى قضاء قاض بمذهب مسوغ أن ينكروا عليه مع نفوذ قضائه فهذا إذا وجه في الاستحثاث على السكوت فهذا منتهى القول في هذه المسألة.
650- وبعد ذلك كله غائلة هي خاتمة المسألة وغاية سرها ونحن نبديها في معرض سؤال وجواب فإن قيل إن اتجه في حكم العادة سكوت العلماء على قول مجتهد فيه مظنون في مسألة فاستمرارهم على السكوت زمنا متطاولا يخالف العادة قطعا إذا كان يتكرر تذاكر الواقعة والخوض فيها ومن لم يجعل السكوت إجماعا فإنما يستقيم له مطلوبة في السكوت في الزمان القصير ولهذا السؤال اشترط بعض المحققين في الأصول في الإجماع السكوتي انقراض العصر.