كتاب الفتوى والكلام الكافي في ذلك أنه إن كان مفتيا اعتبر خلافه.
مسألة:
634- ذهب معظم الأصوليين إلى أن الورع معتبر في أهل الإجماع والفسقة وإن كانوا بالغين في العلم مبلغ المجتهدين فلا يعتبر خلافهم ووفاقهم فإنهم بفسقهم خارجون عن الفتوى والفاسق غير مصدق فيما يقول وافق أو خالف.
635- وهذا فيه نظر عندي فإن الفاسق المجتهد لا يلزمه أن يقلد غيره [بل يلزمه أن يتبع في وقائعه ما يؤدي إليه اجتهاده وليس له أن يقلد غيره] فكيف ينعقد الإجماع عليه في حقه واجتهاده مخالف اجتهاد من سواه وإذا بعد انعقاد الإجماع في حقه استحال انعقاد بعض حكمه حتى يقال انعقد الإجماع من وجه ولم ينعقد من وجه.
فإن قيل هو عالم في حق نفسه باجتهاده مصدق عليه فيما بينه وبين ربه وهو مكذب في حق غيره فلا يمتنع انقسام أمره على هذا الوجه فينقسم حكم الإجماع في حقه قلنا هذا محال فإن الفاسق لا يقطع بكذبه ولا يقطع بصدقه فهو كعالم في غيبته فإن تاب كان كما لو آب الغائب فهذا ما تمس الحاجة إلى ذكره من صفات المجمعين.
636- والقول الضابط في كل ما لم نذكره أن كل ما لا يعتبر عند المفتين فهو غير معتبر في المجمعين كالحرية والذكورة وغيرهما والكافر وإن حوى م علوم الشريعة أركان الاجتهاد فلا معتبر بقوله أصلا وافق أو خالف فإنه ليس من أهل الإسلام والحجة في إجماع المسلمين والمبتدع إن كفرناه لم نعتبر خلافه ووفاقه وإن لم نكفره فهو من المعتبرين إذا استجمع شرائط المجتهدين وقد قبل الشافعي شهادة أهل الأهواء ولم ينزلهم منزلة الفسقة فهذا أحد طرفي هذا الفن.
637- فأما الكلام في عدد المجمعين فإن كان علماء العصر بالغين مبلغا لا يتوقع منهم التواطؤ وهم الذين يسمون عدد التواتر فلا شك في انعقاد الإجماع بوفاقهم وإن فرض نقصان عدد علماء العصر عن هذا المبلغ فهذا موضع التردد.
مسألة.
638- ذهب بعض أهل الأصول إلى أنه لا يجوز انحطاط علماء العصر عن مبلغ.