بل أوجه سؤالا واحدا يسقط الاستدلال بالآية فأقول إن الرب تعالى أراد بذلك من أراد الكفر وتكذيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والحيد عن سنن الحق وترتيب المعنى ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين المقتدين به نوله ما تولى فإن سلم ظهور ذلك فذلك وإلا فهو وجه في التأويل لائح ومسلك في الإمكان واضح فلا يبقى للمتمسك بالآية إلا ظاهر معرض للتأويل ولا يسوغ التمسك بالمحتملات في مطالب القطع وليس على المعترض إلا أن يظهر وجها في الإمكان ولا يقوم للمحصل عن هذا جواب إن أنصف.
626- فإن تمسك مثبتو الإجماع بما روى عن النبي عليه لسلام أنه قال1: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وقد روى الرواة هذا المعنى بألفاظ مختلفة فلست أرى للتمسك بذلك وجها لأنها من أخبار الاحاد فلا يجوز التعلق بها في القطعيات وقد تكرر هذا مرارا.
ولا حاصل لقول من يقول هذه الأحاديث متلقاة بالقبول فإن المقصود من ذلك يئول إلى أن الحديث مجمع عليه وقصاراه إثبات الإجماع بالإجماع على أنه لا تستتب هذه الدعوى أيضا مع اختلاف الناس في الإجماع.
ثم الأحاديث متعرضة للتأويلات القريبة المأخذ الممكنة فيمكن أن يقال قوله صلى الله عليه وسلم لا تجتمع أمتي على ضلالة بشارة منه مشعرة بالغيب في مستقبل الزمان مؤذنه بأن عليه السلام لا ترتد إلى قيام الساعة وإذا لم يكن الحديث مقطوعا به نقلا ولم يكن في نفسه نصا فلا وجه للاحتجاج به في مظان القطع.
627- فإن قيل قد تحقق أن العقول لا تدل على ثبوت الإجماع واستبان أنه ليس في السمعيات قاطع دال على أن الإجماع واجب الاتباع فلا معنى بعد ذلك إلا الرد والإجماع عصام الشريعة وعمادها وإليه استنادها.
قلنا الإجماع حجة قاطعة والطريق القاطع في ذلك أن نقول للإجماع صورتان نذكرهما ونذكر السبيل المرضى في إثبات الإجماع في كل واحدة منهما إحداهما: أن نصادف علماء العصر على توافرهم في أطراف الخطة وأوساطها مجمعين على حكم مظنون وللرأي فيه مضطرب فنعلم والحالة هذه أن اتفاقهم.