...
الكتاب الثاني: كتاب الإجماع.
617- أصدر هذا الكتاب مستعينا بالله تعالى بثلاث مسائل ثم نخوض بعد نجازها في ترتيب الكتاب تأصيلا وتفصيلا.
إحدى المسائل الثلاث: في تصور الإجماع وقوعا والأخرى في [كونه] حجة وذكر الخلاف [فيه] والأخرى في المسالك الدالة على كون الإجماع حجة.
مسألة:
618- ذهب طوائف من الناس إلى أن الإجماع لا يتصور وقوعه واشتد كلام القاضي ونكيره على هؤلاء وتعدى حد الإنصاف قليلا.
ونحن نسلك [مسلكنا] في استيعاب ما لكل فريق حتى إذا لاحت نهايات النفي والإثبات وضح منها مدرك الحق.
619- فأما الذين منعوا تصور الإجماع فإنهم قالوا قد اتسعت خطة الإسلام ووقعته وعلماء الشريعة متباعدون في الأمصار ومعظم البلاد المتباينة لا تتواصل الأخبار فيها وإنما يندرج المندرج من طرف إلى طرف بسفيرات ورفيقات ولا يتفق انتهاض رفقة ومدها مدة واحدة من الشرق إلى الغرب فكيف يتصور والحالة هذه رفع مسألة إلى جميع علماء العالم ثم كيف يفرض اتفاق آرائهم فيها مع تفاوت الفطن والقرائح وتباين المذاهب والمطالب وأخذ كل جيل صوبا في أساليب الظنون فتصور اجتماعهم في الحكم الظنون بمثابة تصور اجتماع العالمين في صبيحة يوم على قيام أو قعود أو أكل مأكول ومثل ذلك غير ممكن في اطراد العادة نعم إن انخرقت لنبي أو ولى على رأى من يثبت الكرامات [فنعم] وبالجملة لا يتصور الإجماع مع اطراد العادة فهذا قول هؤلاء ثم زادوا إيهاما آخر فقالوا لو فرض الإجماع فكيف يتصور النقل عنه تواترا والحكم في المسألة الواحدة ليس مما.