47- فأما المعتزلة فإنهم فهموا أن العلوم ليست مباشرة بالقدرة وعلموا أن النظر يستعقبها استعقابا لا دفع له فزعموا أن النظر يولدها توليد الأسباب مسبباتها.
والمقدور الذي هو مرتبط التكليف والثواب هو النظر عندي.
48- ثم رتب أئمتنا أدلة العقل ترتيبا ننقله ثم نبين فساده ونوضح مختارنا فنكون جامعين بين نقل تراجم المذاهب والتنبيه على الصواب منها.
قالوا أدلة العقول تنقسم أربعة أقسام أحدها بناء الغائب على الشاهد والثاني إنتاج المقدمات النتائج والثالث السبر والتقسيم والرابع الاستدلال بالمتفق عليه على المختلف فيه.
ثم قالوا أما بناء الغائب على الشاهد فلا يجوز التحكم به من غير جامع عقلي ومن التحكم به شبهت المشبهة وعطلت المعطلة وعميت بصائر الزنادقة.
فقالت المشبهة: لم نر فاعلا ليس متصورا وقالت المعطلة: الموجود الذي لا يناسب موجودا غير معقول ثم حصروا الجوامع في أربع جهات أحدها الجمع بالعلة والثاني الجمع بالحقيقة والثالث الجمع بالشرط والرابع الجمع بالدليل فأما الجمع بالعلة فكقول [مثبتي] الصفات إذا كان كون العالم عالما شاهدا [معللا] بالعلم لزم طرد ذلك غائبا.
والجمع بالحقيقة كقول القائل حقيقة العالم شاهدا من له علم فيجب طرد ذلك غائبا.
والجمع بالشرط كقولنا العلم مشروط بالحياة شاهدا فيجب الحكم بذلك على الغائب.
[والجمع] بالدليل كقولنا الحدوث والتخصيص والإحكام يدل على القدرة والإرادة والعلم شاهدا فيجب طرد ذلك غائبا.
وأما بناء النتائج على المقدمات فهو كقولنا الجواهر لا تخلو عن حوادث مستندة إلى أولية فهذه هي المقدمة والنتيجة أن مالا يخلو عن الحوادث لا يسبقها.
والاستدلال بالمتفق على المختلف كقياسنا الألوان على الأكوان [في] استحالة تعري الجواهر عنها.
فهذا سياق كلام الأصحاب في ذلك.