أصلهم في وجوب إثابة المكلف والمحمول على الشيء لا يثاب عليه وهذا الأصل باطل عندنا فلا يمتنع التكليف من غير إثابة وقاعدة القول في الثواب والعقاب تستقصي في غير هذا الفن.
وقد ألزمهم القاضي رحمه الله [إثم] المكره على القتل فإنه منهي عنه آثم به لو أقدم عليه وهذه هفوة عظيمة فإنهم لا يمنعون النهى عن الشيء مع الحمل عليه فإن ذلك أشد في المحنة واقتضاء الثواب وإنما الذي منعوه الاضطرار إلى فعل مع الأمر به.
مسألة:
33- ذهب بعض أصحاب أبي حنيفة1 إلى أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة وظاهر مذهب الشافعي2 رحمه الله أنهم مخاطبون بها.
وفصل فاصلون من العلماء بين المأمورات والمنهيات وقالوا هم معاقبون على ارتكاب المنهيات غير معاقبين على ترك المأمورات.
34- والقول في هذه المسألة يتعلق بطرفين أحدهما في جواز المخاطبة عقلا وإمكان ذلك والثاني في وقوع ذلك إن ثبت جوازه فأما الجواز فالذي حمل الصائرين إلى منع ذلك والقضاء باستحالته أنه لو فرض الخطاب بإقامة الفروع لكان ذلك خطابا بتصحيح الفروع وذلك مستحيل مع الإصرار على الكفر وفي تجويز مخاطبتهم بإقامة الشرائع مع تقدير استمرارهم على الكفر تجويز تكليف ما لا يطاق وقد سبق بطلانه وهذا منقوض أولا باعتقاد النبوات واعتقاد صدق الأنبياء عليهم السلام فإن ذلك غير ممكن فيمن لا يعتقد الصانع المختار ولا خلاف أن الكفار أجمعين مخاطبون بتصديق الأنبياء عليهم السلام وإن اقتضى وقوع ذلك.