نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات، وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم1.
وقال الجرجاني: "الرزق اسم لما يسوقه الله إلى الحيوان فيأكله، فيكون متناولاً للحلال والحرام. وعند المعتزلة: عبارة عن مملوك يأكله المالك، فعلى هذا لا يكون الحرام رزقًا2 ".
لكن قال القرطبي: "الرزق، حقيقته ما يتغذى به الحي، ويكون فيه بقاء روحه ونماء جسده، ولا يجوز أن يكون الرزق بمعنى الملك، لأن البهائم ترزق وليست يصح وصفها بأنها مالكة لعلفها3 ".
وقال في موضع آخر - عند قوله تعالى -: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} 4: رزقناهم: أي أعطيناهم، والرزق، العطاء، وهو - عند أهل السنة - ما صح الانتفاع به حلالاً كان أو حرامًا5.
قلت: والرِّزق المعنون به هذا البحث، والمستعمل في كل جزئياته إنما هو الرزق الحلال، إذ لا يمكن تصور حصول البركة في الرزق الحرام، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فلئن كان الرزق يشمل - أيضًا - العطايا والمنافع الظاهرة والعطايا الباطنة كما مر، فإن المعوَّل عليه - هنا في هذا البحث - إنما هو الرزق الظاهر، وهو ما يكون بمعنى المال، إذ بين الرزق والمال عموم وخصوص من وجه فكل مال رزق، وليس كل رزق مالاً، لكن يستعمل أحدهما محل الآخر كثيرًا، ولا إشكال في ذلك، وباستقراء الأحاديث الواردة في هذا البحث وما