عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وعزاه السيوطي1 إلى عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، ولم أقف على من وصله، لكن جاء عند أحمد في غير موضع وبأسانيد عن أبي قتادة وأبي الدهماء - رضي الله عنهما - قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى وقال: "إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرًا منه"2، وقال الهيثمي: "رواه أحمد بأسانيد ورجاله رجال الصحيح"3.
قلت: والواقع العملي خير شاهد لمثل هذا، ومن هذا ما جاء في قصة يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز وامتناعه عن الوقوع في الحرام مع تهيئة جميع أسباب السلامة له، مخافة لله تعالى، وفي قصة الثلاثة الذين أووا إلى غار فانطبق عليهم، وأخذ كل واحد منهم يدعو الله بصالح عمله، وكان واحد منهم يحب ابنة عم له حباً شديدًا ويراودها عن نفسها مرارًا فتمتنع، ثم ألجأتها الحاجة إلى إجابته فلما أمكنته من نفسها وقعد بين رجليها، قالت له: اتق الله ... فانصرف عنها وهي أحب الناس إليه ... مخافة لله، ولا يخفى ما آل إليه أمر يوسف - عليه السلام - في الدنيا والآخرة من النعيم والكرامة والتمكين كما لا يخفى ما حصل لهذا المنصرف عن الفاحشة مع قدرته عليها مخافة لله تعالى من الفرج في الدنيا وانكشاف الشدة عنه وعن أصحابه الذين كانت لهم أعمال صالحة أيضًا4، والله أعلم.