وليس العجب في قوله إنّ الأعراق تضوي، وإنّما العجب في قوله:
إنّ العزّ يقرقم؛ لأنّ الأوّل قد قال:
فتى لم تلده بنت عمّ قريبة ... فبضوى، وقد يضوى رديد القرائب [1]
وقال الأسديّ:
ولست بضاويّ تموج عظامه ... ولادته في خالد بعد خالد [2]
تقارب من آبائه أمّهاته ... إلى نسب أدنى من الشّبر واحد
وفي أخوات أنكحوهنّ إخوة ... مشاغرة فالحىّ للحيّ والد [3]
وهذا كثير. والضّوى في البهائم أوجد منه في الناس [4] . فليس العجب من ذكرهم الضّوى إذا تردّدت الأولاد في القرابات، وإنّما العجب في قولهم: العزّ يقرقم؛ لأنّ الأعرابيّ حين ابتلي بالدّمامة والقلّة [5] ، ثقل عليه أن يقرّ بالذّلّة والضّعف، فاحتجّ لذلك وأحال النّاس على معنى لا يدركونه بالمشاهدة. وهذا من ذكائه ودهائه.