وذكر العميان، وكان الذي ترك منهم أكثر مما ذكر.
والعرج الأشراف- أبقاك الله- كثير. والعمى الأشراف أكثر.
ولكن ما معناه في أن أبا فلان كان أعمى، إن [1] لم يكن إنّما اجتلب ذكر العرج والعمي ليحصّل ذاك سببا إلى قصص في أولئك العرجان، وإلى فوائد أخبار في أولئك العميان. وإلى أنّ جماعة فيهم كانوا يبلغون مع العرج مالا يبلغه عامّة الأصحّاء، ومع العمى يدركون ما لا يدرك أكثر البصراء؛ ولما جاء أيضا في ذلك من الأشعار المصحّحة، ومن الأمثال المضروبة، وكيف تهاجوا بذلك وتمادحوا به، وكيف جزع من جزع وصبر من صبر، وما رووا في ذلك من الأخبار النافعة، والأحاديث السائرة، واللفظ المونق والمعنى المتخيّر، وكيف تبيّن ذلك النقص، وظهر ذلك الخلل على بعض ولم يتبيّن على بعض.
ولو ذكرنا- حفظك الله- أنّه ممّن [2] سقي بطنه [3] عثمان بن أبي العاص، وعمران بن الحصين، وخبّاب بن الأرت، وقبيصة بن المهلّب، وفلان وفلان، ثم لم نذكر حسن عزائهم، ونوادر كلامهم عند نزول تلك الحوادث، وعند توقّع الفرج من تلك المضايق، وأىّ شيء كرهوا من أصناف العلاج وحرّموه، وأيّ شيء استجازوه واستحلّوه، والذي رووا من الأحاديث في ذلك الداء، والروايات في ذلك الدواء،