والاقتسار [1] للعدوّ.
ومن ذلك حضور صلاة الجماعة. ولم يجعل رسول الله في ذلك الدهر لابن أمّ مكتوم، [2] وهو أعمى عديم القائد، عذرا في التخلّف، إذ كان يسمع النّداء. ولو قصّر في ذلك العميان في بعض الحالات لم يكن حرجا، ولا عند تلك الجماعة مبهرجا، وإنّما جاز ذلك اليوم لاستفاضة الإسلام وعلوّه على أعدائه وظهور شأنه وتمكّن أركانه، فصاروا كما قال الله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
[3] . ألا ترى أنّه ليس على ظهرها بلد يناله الأخفاف والحوافر إلّا وهو مأخوذ عنوة أو صلحا على إعطاء الجزية، ولم يبق إلّا من اعتصم برءوس الجبال ولجج البحار، وبالوغول في الأوغال [4] ، أو ملك خضع للصّلح وإعطاء بعض الخرج [5] ، فوسم نفسه بالذلّة، وشهرها بإعطاء الجزية. وقد ذكر الحارث الأعرج النّابغة الذّبيانيّ فقال:
هذا غلام حسن وجهه ... مستقبل الخير سريع التّمام [6]