فإذا كان هذا الحال بكلامه فما ظنك بعلمه تبارك وتعالى، فمن زعم أن أحدا يعلم جميع الغيب فقد أساء الأدب على الله تعالى وتقدس وما قدروا الله حق قدره.
وكذلك كرامات الأولياء دون ما ثبت للأنبياء بكثير بل لا نسبة بينها وبينه لا في الكمية ولا في الكيفية.
وقول الفارسي نقلا عن البيضاوي (?) واستدل به على إبطال الكرامات وجوابه يختص الرسول بالملك، والإظهار إنما يكون بغير واسطة، وكرامات الأولياء باطلاعهم على المغيبات إنما يكون تلقيا من الملائكة كاطلاعنا على أحوال الآخرة بواسطة (?) الأنبياء عليهم الصلاة والسلام انتهى.
وهذا الكلام فيه نظر ظاهر فإن الرسول أعم من الملكي والبشري وعبارة السلف دالة على ذلك، والإظهار أعم من أن يكون بواسطة أو بغيرها وأكثر الرسل إنما يظهرهم على ذلك بالوسائط كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (?) .
واطلاع الأولياء على شيء من الغيب هو من الإلهام الذي تضمنه الوحي لا يتقيد بالتلقي عن الملك كما قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوه ُ