يعلمون فكل من سمع هذا وله قلب يعقل به لابد أن يعرف ويستيقن أن هذا غاية في البيان والكشف عن حال من استمد منه المشركون أو زعموا أن له تصرفا أو شفاعة ترجى منه وتطلب، وقال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (?) فأمر عباده بإخلاص الدين له والدعاء، وطلب الاستمداد من أكبر أصول الدين، فمن صرفه لغيره تعالى فهو غير مخلص له الدين لأن الدعاء من أجل العبادات وأفضل الطاعات كما في حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" (?) وفي حديث أنس: "الدعاء مخ العبادة" (?) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين" (?) ، وبهذا نعلم أن من أجاز صرفه للأموات فهو ممن يجيز دين المشركين وأن يعدل (?) لله رب العالمين.
وذكر البخاري رحمه الله وغيره أن عمر رضي الله عنه استسقى بالعباس في خلافته ولم يستمد السقيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم أقره ورضيه ومضت السنة على ذلك سلفا وخلفا ولم ينقل عن أحد ممن يعتد به عند المسلمين حرف واحد يدل على جواز الاستمداد من الأموات بل لما وقع بعد القرون المفضلة من العامة استمداد الأموات كفرهم أهل العلم والإيمان وأنكروه أشد