قَالَ " اسْتَعْدَى الْمُنَازِلُ بْنُ أَصْبَحَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى ابْنِهِ جُلَيْعٍ، وَشَكَى عُقُوقَهُ، وَوُثُوبَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
تَظَلُّمَنِي مَالِي جُليْجٌ وَعَقَّنِي ... عَلَى حِينِ صَارَتْ كَالْحَنِيِّ عِظَامِي
وَجَاءَ نعولٌ مِنْ حَرَامٍ كَأَنَّمَا ... يُسَعَّرُ فِي أَهْلِي حَرِيقُ ضِرَامِ
لَعَمْرِي لَقَدْ رَبَّيْتُهُ فَرَحًا بِهِ ... فَلا يَفْرَحَنْ بَعْدِي أَبٌ بِغُلامِ
فَغَضِبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَدَعَى بِالدِّرَّةِ، فَقَالَ لَهُ جُلَيْجٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَبِي قَدْ عقَّ أَبَاهُ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ، وَلَوَى يَدَهُ، وَلِجَدِّي فِيهِ شِعْرٌ، قَالَ: أَنْشِدْنِيهِ، فَأَنْشَدَهُ:
جَزَتْ رَحِمٌ بَيْنِي وَبَيْنَ مُنَازِلٍ ... جَزَاءَ مُسِيءٍ لَا يُفَتَّرُ طَالِبُهُ
تَرَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا تَمَّ وَاسْتَوَى ... وَكَادَ يُوَازِي غَارِبَ الْفَحْلِ غَارِبُهُ
وَقَدْ كَانَ يَأْتِيهِ إِذَا جَاعَ أَوْ بَكَى ... مِنَ الزَّادِ عِنْدِي حُلْوُهُ وَأَطَايِبُهُ
فَلَمَّا رَآنِي أُبْصِرُ الشَّخْصَ أَشْخُصًا ... بَعِيدًا وَذُو الْقُرْبِ الْقَرِيبِ أَقَارِبُهُ
تَظَلُّمَنِي مَالِي كَذَا وَلَوَى يَدِي ... لَوَى يَدَهُ اللَّهُ الَّذِي هُوَ غَالِبُهُ
فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ: مَا أَرَى لَكُمَا مَثَلًا، إِلَّا قَوْلَ الْهُذَلِيِّ:
تَعَاوَرْتُمَا ثَوْبَ الْعُقُوقِ كِلَاكُمَا ... أَبٌ غَيْرُ بَرٍّ وَابْنٌ غَيْرُ وَاصِلٍ