يَا صَاحِبَ الْبَكْرِ الْمُضِلُّ مَذْهَبُهُ ... وَلَيْسَ مَعَهُ ذُو رَشَادٍ يَصْحَبُهُ
دُونَكَ هَذَا الْبَكْرُ مِنَّا فَأَرْكَبْهُ ... وَبَكْرُكَ الرَّازِحُ أَيْضًا فَاجْتَنِبْهُ
حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ تَوَلَّى مَغْرِبُهُ ... وَسَطَعَ الصُّبْحُ وَلَاحَ كَوْكَبُهُ
فَحَطَّ عَنْهُ رَحْلَهُ وَسَبْسَبَهُ
قَالَ: فَالْتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِبَكْرٍ، فَشَدَّ عَلَيْهِ رَحْلَهُ، فَرَكِبَهُ، فَلَمَّا قَرُبَ الصُّبْحُ عَرَفَ الْمَكَانَ، فَقَالَ:
يَا صَاحِبَ الْبَكْرِ قَدْ أَنْجَيْتَ مِنْ ضَرَرٍ ... وَمِنْ فَيَافِي يُضِلُّ الْمُدْلِجُ الْهَادِي
أَلَا أَبَنْتَ لَنَا بِالصُّبْحِ يَعْرِفُهُ ... مَنِ الَّذِي جَادَ بِالنَّعْمَاءِ بِالْوَادِي
فَارْجِعْ حَمِيدًا فَقَدْ بُلِّغْتَ مَأْمَنَنَا ... بُورِكْتَ مِنْ ذِي سِنَامٍ رَائِحٍ غَادِي
فَأَجَابَهُ:
أَنَا الشُّجَاعُ الَّذِي أَبْصَرْتَهُ رَمَضًا ... وَمَنْزِلِي نُزِّهَ مِنْ مَوْرِدٍ صَادِي
فَجُدْتَ بِالْمَاءِ لَمَّا ضَنَّ حَامِلُهُ ... أَرْوَيْتَ هَامِي وَلَمْ تَبْخَلْ بِأَنْكَادِ
الْخَيْرُ يَبْقَى وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ ... وَالشَّرُّ أَخْبَثُ مَا أَوْعَيْتَ مِنْ زَادِ
"
- 450 أخبرنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، قثنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا، قثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ الطَّائِيُّ، قثنا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ " كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ يُحَدِّثُنَا، إِذِ الْتَفَتَ إِلَيَّ شَيْخٌ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، حَدِّثْنَا حَدِيثَ الْحَيَّةِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَنْبَسَةَ، قَالَ: خَرَجَ حِمْيَرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مُتَصَيَّدٍ لَهُ، فَلَمَّا أَقْفَرَتْ بِهِ الْأَرْضُ انْسَابَتْ حَيَّةٌ مِنْ بَيْنَ قَوَائِمِ دَابَّتِهِ، فَقَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا، وَقَالَتْ: آوِنِي آوَاكَ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، فَقَالَ لَهَا: وَمِمَّ أُؤْوِيكِ؟ فَقَالَتْ: مِنْ عَدُوٍّ لِي قَدْ غَشِيَنِي يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَنِي إِرْبًا