كَانَ شَأْنُهُ.
قَالَ: كَانَ لِأَبِي تَقَاصُفٍ تَسْعَةٌ هُوَ عَاشِرُهُمْ، وَكَانَ لَهُ ابْنُ عَمٍّ هُوَ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ عِيَاضٍ مِنْ بَنِي صَبْغَاءَ، وَكَانُوا يَظْلِمُونَهُ وَيَضْطَهِدُونَهُ، وَيَأْخُذُونَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهَ، وَالرَّحِمَ، وَالْجِوَارَ، إِلَّا مَا كَفُّوا عَنْهُ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ، رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ آمِنٍ وَخَائِفْ ... وَسَامِعًا هِتَافَ كُلِّ هَاتِفْ
إِنَّ الْخُنَاعِيَّ أَبَا تَقَاصُفْ ... لَمْ يُعْطِنِي الْحَقَّ وَلَمْ يُنَاصِفْ
فَاجْمَعْ لَهُ الْأَحِبَةَ الآلاطِفَ ... بَيْنَ كِرَانَ ثَمَّ وَالنَّوَاصِفْ
قَالَ: فَنَزَلُوا حَيْثُ وَصَفَ فِي قَلِيبٍ لَهُمْ يُصْلِحُونَهُ، فَتَهَوَّرَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، فَإِنَّهُ لَقَبْرٌ لَهُمْ إِلَى يَوْمِهِمْ.
فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَلْعَجَبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَشَأْنُ بَنِي الْمُؤَمَّلِ مِنْ بَنِي نَصْرٍ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
قَالَ: وَكَيْفَ كَانَ شَأْنُ بَنِي الْمُؤَمِّلِ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى أَمْوَالِ بَطْنٍ مِنْهَا وِرَاثَةً، فَلَمَّا كَثُرَ بِيَدِهِ الْمَالُ، لَجَأَ إِلَى بَطْنٍ مِنْ بَنِي مُؤَمَّلِ، فَكَانُوا يَظْلِمُونَهُ، وَيَضْطَهِدُونَهُ، وَيَأْخُذُونَ مَالَهُ، فَقَالَ: يَا بَنِي مُؤَمَّلٍ، إِنِّي قَدِ اخْتَرْتُكُمْ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ، وَأَضَفْتُ إِلَيْكُمْ مَالِي وَنَفْسِي لِتَمْنَعُونِي، فَظَلَمْتُمُونِي، وَقَطَعْتُمْ رَحِمِي، وَأَسَأْتُمْ جِوَارِي، فَأُذُكِّرُكُمُ اللَّهَ، وَالرَّحِمَ، وَالْجِوَارَ إِلَّا مَا كَفَفْتُمْ عَنِّي، فَقَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رِيَاحٌ، فَقَالَ: يَا بَنِي مُؤَمَّلٍ، قَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ ابْنُ عَمِّكُمْ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِيهِ، فَإِنَّ لَهُ رَحِمًا وَجِوَارًا، وَإِنَّهُ قَدِ اخْتَارَكُمْ عَلَى غَيْرِكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ خَرَجُوا عُمَّارًا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَدْبَارِهِمْ، فَقَالَ: لَا هُمَّ زِلَّهُمْ عَنْ بَنِي مُؤَمَّلِ وَارْمِ عَلَى أَقْفَائِهِمْ بِمُثَكَّلِ بِصَخْرَةٍ أَوْ عَرْضِ جَيْشٍ جَحْفَلٍ إِلَّا رِيَاحًا إنَّهُ لَمْ يَفْعَلِ فَبَيْنَا هُمْ نُزُولٌ إِلَى جَبَلٍ فِي طَرِيقِهِمْ، أَرْسَلَ اللَّهُ صَخْرَةً مِنَ الْجَبَلِ تَجُرُّ مَا مَرَّتْ بِهِ مِنْ حَجَرٍ وَشَجَرٍ، حَتَّى دَكَتْهُمْ دَكَةً وَاحِدَةً، إِلَّا رِيَاحًا، وَأَهْلَ خِبَائِهِ.
فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا لَلْعَجَبُ، لِمَ تَرَوْنَ هَذَا كَانَ يَكُونُ؟ قَالُوا: أَنْتَ يَا