لأن المعنى تم دون هاتين الكلمتين فلما جاء بهما تمم البيت وزاد في التشبيه زيادة بينة.
ومنه قول آخر:
من لك يوماً بأخيك كله.
ومنه أيضاً:
فلا تأمننَّ الدهرَ حراً ظلمته ... فما ليلُ مظلومٍ كريمٍ بنائمِ
فقوله كريم تتميم، لأن اللئيم يغضى عن العار، وينام عن الثأر.
ومنه قول الآخر:
ومقامُ العزيز في بلد الذ ... لِّ إذا أمكنَ الرحيلُ محالُ
فقوله: إذا أمكن تتميم.
ومنه:
وإن صخراً لتأنمُّ العفاة به ... كأنه علمٌ في رأسه نارُ
باب
اعلم أن الاحتراس هو أن يكون على الشاعر طعن، فيحترس منه؛ كما قال تعالى: " ولن ينفعكم اليوم، إذ ظلمتم، أنكم في العذاب مشتركون ". لأن الاشتراك في المصيبة يخفف منها، ويسلي عنها. فأعلمهم تعالى أنه أول ما يعاقبهم به أنه لا يلهمهم التأسي، ولا يقضي عليهم بالتسلي. نعوذ بالله من عقابه، ونسأله من ثواب.
ومن الاحتراس قوله تعالى: " فأتوا حرثكم أنى شئتم ". لما كانت أنى تحتمل معنيين: مهنى كيف، ومعنى أين، احترس الباري سبحانه بقوله: حرثكم؛ لأن الموضع المكروه ليس بحرث، والحرث موضع الزرع. ذكره الجبائي في تفسيره.
وأنشدوا للخنساء: