أخذه طريده أبو نواس فقال:
إذا عبَّ فيها شاربُ القومِ خلته ... يقبل في داجٍ من الليل كوكبا
اعلم أن الحذو هو أن يكون البيت على صياغة البيت الآخر، كما قال سحيم:
فما بيضةٌ بات الظليمُ يحفها ... ويرفعُ عنها جؤجؤاً متجافيا
بأحسن منها يوم قالتْ: أرائحٌ ... مع الركبِ أم ثاوٍ لدينا لياليا
قال: تبعه على هذا الحذو جماعة، منهم من قال:
وما قطرةٌ من ماءِ مزنٍ تحلبتْ ... به جنبتا الجوديِّ والليلُ دامسُ
بأعذبَ من فيها وما ذقتُ طعمه ... ولكنني فما ترى العينُ فارسُ
ومن ذلك لكثير:
وما روضةٌ بالحزنِ طيبةُ الثرى ... يمجُ الندىَ جثجاثها وعرارها
بأطيب منِ أردان عزةَ موهناً ... إذا أوقدتْ بالمندل الرطبِ نارها
ومنه للأعشى:
وما روضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبلٌ هطلُ
يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ ... مؤزر بعميم النبت مكتهلُ
يوماً بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذا دنا الأصلُ
ومن ذلك قول بعضهم:
ولم أرَ كالمعروفِ أما مذاقه ... فحلوٌ، وأما وجههُ فجميلُ
أخذه الآخر فقال:
وماليَ مالٌ غيرُ درعٍ حصينةٍ ... وأخضرَ من ماءِ الحديدِ صقيلُ
وأحمرَ كالديباجِ، أما سماؤهُ ... فريإن وأما أرضهُ فمحولُ
أخذه يزيد بن الطثرية فقال:
عقيليةٌ، أما ملاثُ إزارها ... فدعصٌ وأما خصرها فنحيل