اعلم أن الغلط هو أن يغلط في اللفظ ويغلط في المعنى، مثل قول زهير:
فينتجْ لكم غلمان أشأمَ كلهم ... كأحمر عادٍ ثم ترضعْ فتفطمِ
أراد أحمر ثمود، وهو عاقر الناقة، وقد احتج بعض العلماء. فقال: أراد عاد الأخرى، لأنهما عادان، كما قال الله تعالى: " وأنه أهلك عاد الأولى "، فدل على أن ثمود عاد الأخرى، وكقول بعض العرب في الحماسة:
وبيضاءَ من نسج ابن داودَ نثرةٍ ... تخيرتها يوم اللقاءِ الملابسا
وإنما الدروع من نسج داود بنفسه لا من نسج سليمان.
ومنه قول رؤبة بن العجاج:
سرية لم تأكل المرققا ... ولم تذقْ من البقولِ الفستقا
والفستق ليس من البقول، إنما هوثمر.
ومنه له: مثل النصارى قتلوا المسيحا. والنصارى لم تقتل المسيح، إنما قتلته بزعمهم اليهود. وقد احتج له ابن جني، فقال: إن النصارى لما قالوا: إن المسيح قتل وصلب نسب إليهم قتله، كما قال الله تعالى: " فما لكم في المنافقين فئتين "، أي فئة تقول: إنهم مسلمون، وفئة تقول: إنهم مشركون. وقال تعالى: " أتريدون أن تهدوا من أضل الله "، فنسب إليهم الهداية لأنهم سموهم مهتدين.