البيان، وقوف شحيحٍ ضاع في الترب خاتمه حتى ظننا أنه لم يبق شيء لها يدرسوه.
وفي القرآن آيات قريبة المعنى ظاهرة الدلالة، بل إن وضوح معناها وظهوره كان لدرجة أنْ لا يخفى على أحد بل إن المتأمل ليقف متسائلا، عن الحكمة في ذكرها على هذه الدرجة من الوضوح، وآيات من هذا النوع تذكر قضية لا يختلف فيها اثنان بل هي أمرٌ بَدَهَيّ يدركه الإِنسان من فوره.
فهذه آيات تذكر معلومةً لا تخفى أو أثراً ظاهراً لا يحتاج إلى تقرِير أو بيان، ونجزم أنه لابد لذلك من حكمة، ولابد له ومن فائدة، وإلا كان حشوا يتنزه عنه كلامُ البلغاء فضلاً عن كلام الرحمن القران الكريم.
وقد تناول المفسرون وعلماء البلاغة آيات هذا النوع آحادا في كتبهم ولم يدرسوها مجتمعة إلا إشارات سريعة كأن يشير أحدهم إلى آيتين أو ثلاث تشبه الآية التي يدرسها وهو من النادر أيضا.
وقد اجتمع لدي مجموعة من هذا النوع من الآيات التي رأيت أنّ دلالتها على المقصود أمراً بدهيّا، فنظرت فيها وفي كلام أهل التفسير والبلاغة عنها، وحاولت تحديد أنواعها، وأقسامها، وضرب الأمثلة لكل نوع منها وذكر أقوال المفسرين في بيان الحكمة فيها ووجه بلاغتها وهي على كلٍ خطوة شي طريق طويل وجديد.
طويل لدرجة أن تصلح بعض أجزائه رسائل للدراسات العليا، وجديد إذ أن أقوال العلماء فيه شذرات متفرقة.
وهذا جهدي، ومبلغ طاقتي وأسأل الله أن يجعل عملي خالصا لوجهه إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فهد بن عبد الرحمن الرومي
صبيحة يوم السبت 8/7/1415هـ