موجودًا في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولا في سنة الخلفاء الراشدين، سواء كان هذا الأمر المحدث اعتقادًا، أوعملاً، أوقولاً، أو منهجا، يخالف منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته، فكأنه يقول: إن الدين ناقص لم يكمل، وهذا يرده قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، أو أنه كامل ولكن بقي شيءٌ لم يبلغه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا يرده حديث عائشة رضي الله عنها الذي سبق ذكره، وكذلك إبلاغه صلى الله عليه وسلم للأمة جميعا في حجة الوداع، وقال: فليبلغ الشاهد الغائب فربّ مبلغٍ أوعى من سامع، فهذا محصول حال المبتدع، أومقاله، فكأنه يقول: إن الشريعة لم تتم، وأنه بقى شيء يجب أو يستحب استدراكه؛ لأنه لو كان معتقدًا لكمال الشريعة وتمامها من كل وجه لم يبتدع، ولا استدرك عليها، وقائل هذا معتقده ضال عن الصراط المستقيم.

قال ابن الماجشون: (سمعت مالكا يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ، فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا1.

ويقول الإمام الشاطبي في كتابه القيم (الاعتصام) :

(إن المبتدع معاند للشرع ومشاق له؛ لأن الشارع، قد عيّن لمطَالب العبد طُرقا خاصة، على وجوه خاصة، وقصرَ الخلق عليها، بالأمر والنهي، والوعد، والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، والشر في تعديها؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم وأنه إنما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. فالمبتدع رادٌّ لهذا كله، فإنه يزعم أن ثَمَّ طرقا أٌخَر، ليس ماحصره الشارع بمحصور، ولا ماعينه بمتعين، كأنّ الشارع يعلم، ونحن أيضا نعلم، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع، أنه علم مالم يعلمه الشارع، قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015