- وفى العادات بمثل التقيد بلباس معين أو عادة معينة، بحيث يجعل ذلك لازماً أو مستحباً وهو في الأصل مباح، فذلك يعد بدعة كما نص شيخ الإسلام على ذلك، وقد نص رحمه الله تعالى على لبس الصوف ( ... اتخاذ لبس الصوف عبادة وطريقاً إلى الله بدعة) الفتاوى 11/ 28، 555.] اهـ (?).
(وفق الشاطبي بين الطريقتين وجعلهما كالقول الواحد حيث قال: [هل يدخل في الأُمور العادية أم يختص بالأُمور العبادية؟ أفعال المكلفين ـ بحسب النظر الشرعي فيها ـ على ضربين: أحدهما: أن تكون من قبيل التعبدات. والثاني: أن تكون من قبيل العادات.
فأما الأول: فلا نظر فيه هاهنا. وأما الثاني: ـ وهو العادي ـ فظاهر النقل عن السلف الأولين أن المسألة تختلف فيها، فمنهم من يرشد كلامه إلى أن العاديات كالعبادات، فكما أنَّا مأمورون في العبادات بأن لا نحدث فيها، فكذلك العاديات والجنايات كلها عادي، لأن أحكامها معقولة المعنى، ولا بد فيها من التعبد، إذ هي مقيدة بأُمور شرعية لا خيرة للمكلف فيها، وإذا كان كذلك فقد ظهر اشتراك القسمين في معنى التعبد، فإن جاء الابتداع في الأُمور العادية من ذلك الوجه، صح دخوله في العاديات كالعبادات، وإلا فلا. وهذه هي النكتة التي يدور عليها حكم الباب ... فالحاصل أن أكثر الحوادث التي أخبر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنها تقع وتظهر وتنتشر أُمور مبتدعة على مضاهاة التشريع، لكن من جهة التعبد، لا من جهة كونها عادية، وهو الفرق بين المعصية التي هي بدعة، والمعصية التي هي ليست ببدعة. وإن العاديات من حيث هي عادية لا بدعة فيها، ومن حيث يتعبد بها أو توضع وضع التعبد تدخلها البدعة، وحصل بذلك اتفاق القولين، وصار المذهبان مذهباً واحداً، وبالله التوفيق].اهـ (?)
إن كلمة الدين في التعريف على كلا الطريقتين يختلف مدلولها من طريقة لأخرى ففي التعريف الأول الذي قصر معنى البدعة على العبادات، فيكون المراد بالدين كل ما جاء لمصالح العباد في آجلتهم فقط دون عاجلتهم، ويكون المراد به في التعريف الثاني كل ما جاء لمصالح العباد في آجلتهم وعاجلتهم.