يُبْقِ عالما اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"، وهذا من أشراط الساعة قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر" قال ابن المبارك رحمه الله: "الأصاغر: أهل البدع".
9 - عادات وخرافات لا يدل عليها شرع ولا يقرها عقل، مثل المآَتم وبدعة الزار قال الشاعر:
ثلاثة تشقى بهن الدار ... العرس والمآتم ثم الزار
10 - حكاية إجماعات لم تقع، وجعلها أصولا يعتمد عليها، وعدم قبول الحق إلا من طائفتهم:
أما حكاية الإجماعات فمثل حكاية الرازي أن المعتبرين أجمعوا على إمكان وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه.
مع أن المنقول عن الأنبياء والصحابة والتابعين مناقض لهذه الدعوى.
ومثل ذلك ما نقله أبو المعالي الجويني من اتفاق المسلمين على أن الأجسام تتناهى في تجزئها وانقسامها حتى تصير أفرادا، فكل جزء لا يتجزأ وليس له طرف واحد ومقصده بذلك نفي الصفات عن الله سبحانه؛ لأن الصفات - في زعمه - لا تكون إلا في جسم مبعض، مع أن قوله هذا لم يقله سوى طائفة من أهل الكلام، ولم يقله بقيتهم، ولم يقله أحد من السلف مطلقا.
ومثل ذلك قول النبهاني: إن جمهور الأمة على تنزيه الله سبحانه عن جميع الجهات وجميع الأمكنة والأزمنة والعلويات والنقليات ..
أما عدم قبول الحق إلا من طائفتهم، فهذا من ديدن أصحاب الابتداع ولأجل ذلك تراهم يعتمدون على أقوال أصحابهم ومشايخهم، أكثر من اعتمادهم على النصوص الشرعية، ويزعمون فوق ذلك أنهم أصحاب الحق وحدهم، وأن من عداهم فهم أصحاب الضلال، ويدعون أنهم هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية دون من سواهم، وأنهم هم أهل السنة والجماعة، وأن غيرهم أهل البدعة.
وعدم قبول الحق إلا من الطائفة التي يهواها الإنسان ويحبها وينتمي إليها، سبب للابتداع وترك الإتباع، وسبب للضلال ورد الحق، وقد وصف الله اليهود بهذا الوصف، ولعنهم لأجل تلبسهم به، فقال سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89].
قال شيخ الإسلام بعد ذكره لهذه الآية: (فوصف اليهود: أهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور الناطق به والدعي إليه، فلما جاءهم الناطق به من غير طائفة لم يهوونها لم ينقادوا له، وأنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها إلى أن قال - وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوفة أو غيرهم، أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم لا يقبلون من الدين رأيا ورواية إلا ما جاءت به طائفتهم ... ).
فهذا هو حال أهل الابتداع، وهذه أظهر الأسباب التي حملتهم على الوقوع في البدع، ولا يخلو مبتدع من سبب من هذه الأسباب إن لم تكن كلها أو معظمها فيه، فهو يتبع دينا مبدلا أو منسوخا.
مقاصد الإسلام في الهجر:
1 - أن (الزجر بالهجر) عقوبة شرعية للمهجور، وأداء لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تقربًا إلى الله تعالى بواجب الحب والبغض فيه سبحانه وتعالى.
2 - بعث اليقظة في نفوس المسلمين من الوقوع في هذه البدعة وتحذيرهم.
3 - تحجيم انتشار البدعة.
4 - قمع المبتدع وزجره، ليضعف عن نشر بدعته، فإنه إذا حصلت مقاطعته والنفرة منه بات كالثعلب في جحره. أما معاشرته ومخالطته، وترك تحسيسه ببدعته: فهذا تزكية له، وتنشيط وتغرير بالعامة.
5 - إعطاء ضمانة للسنن من شائبة البدع ومداخلتها لصفاء السنن.
المقصود بالهجر:
والمقصود بالهجر هنا هو الهجر ديانة، وهو هجر التعزير: ويدخل في باب العقوبات الشرعية التبصيرية التي يوقعها المسلم على الفجار كالمبتدع، على وجه التأديب، في دائرة
الضوابط الشرعية للهجر، حتى يتوب المبتدع ويفيء.