قال الإمام الحافظ الفقيه محيي الدين النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه والسلام: (وكل بدعة ضلالة) هذا عام مخصوص، والمراد غالب البدع. قال أهل اللغة: هي كل شيء عمل على غير مثال سابق).
وقال في (ص/112): (الأعم والأغلب في إطلاقات لفظ البدعة عند السلف، إنما كان في ما يقابل السنة من البدع السيئة الضالّة، حتى شاع على لسانهم إطلاق كلمة البدعة في الشيء الحادث الذي يصادم أصول الشريعة وأدلتها العامة، أو يكون فيه إبطال لسنة، أو تضييع لفريضة، كما شاع على ألسنتهم إطلاق لفظ المبتدع على أرباب هذه الحوادث والبدع، وشاع أيضاً إطلاق لفظ المبتدعة على الفرق الخارجة عن نهج أهل السنة والجماعة، ولذلك قال الشهاب الخفاجي في شرح الشفا: البدعة إذا أطلقت يراد بها السيئة. وقال ابن الأثير: وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفاً في الذم).
والجواب من وجوه:
الأول – أن هذا الحديث لا يصح فرواه الترمذي وغيره من طريق كثير بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا: " إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا" والحديث ضعيف جدا فمداره على كثير بن عمرو، قال عنه أحمد بن حنبل: منكر الحديث، ليس بشاء، وقال عنه أبو داود: كان أحد الكذابين، وقال عنه الشافعي: ذاك أحد الكذابين أو أحد أركان الكذب، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو حاتم بن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على وجه التعجب، وقال أبو أحمد بن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
وترى أن الحميري لم يسق من الحديث إلا ما يظن أنه يوافق استدلاله، مع أن طرفه الأول يشهد لما سبق وأن قررناه من أن معنى سن السنة الحسنة: إحياء وتذكير الناس بما تركوه من سنة النبي وليس الإنشاء والاختراع إلا أننا لا نستدل إلا بما صح من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني – قال الشيخ الغامدي في "حقيقة البدعة" (1/ 381): (إن في هذا الحديث دليلاً على إبطال البدع، وذلك بالحض على إحياء سنة قد أميتت، فإنه وعد بالأجر لمن أحيا سنةً ميتةً، لا لمن يخترع شيئاً جديداً، ثم يطلق عليه سنة حسنة، لأن الذي ورد في