نسب من يقول بالبدع الحسنة قولهم للإمام الشافعي، وقد استدلوا على ذلك بقوله:" البدعة بدعتان بدعة محمودة، وبدعة مذمومة. فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم، واحتج بقول عمر بن الخطاب في قيام رمضان: نعمت البدعة هي " (?).
وبقوله: " المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا، فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: «نعمت البدعة هذه» يعني أنها محدثة لم تكن، وإن كانت فليس فيها رد لما مضى (?).
وجه الاستدلال:
قال المبتدع: هذا تقسيم إمام معترف بفضله وعلمه وعدالته، وهذا التقسيم صريح في أن من البدع ما هو حسن مقبول في الشرع، وما هو قبيح مردود.
والجواب على هذا الاستدلال من عدة أوجه (?):
الوجه الأول:
أن قول الشافعي رحمه الله عن البدعة المذمومة هي ما خالف السنة. وقوله عن
المحدث المذموم، بأنه ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، منطبق على سائر البدع في دين الله، فليس هناك بدعة إلا وهي مخالفة للكتاب والسنة والآثار والإجماع، وإلا لما كانت بدعة؛ لأنه لو ثبت لها أصل من هذه الأصول لأصبحت عملاً مشروعاً في دين الله.
وهذا ما يتفق عليه علماء المسلمين قديماً وحديثاً، وما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "ما صنع أمر على غير أمرنا فهو رد ".
وعلى هذا الوجه لا حجة في كلام الشافعي لمحسن البدع، بل الحجة عليه في كلام هذا الإمام.