البدعه الشرعيه (صفحة 122)

والحق أن أهل المذاهب كلهم يعملون بالمصلحة المرسلة وإن قرروا في أصولهم أنها غير حجة كما أوضحه القرافي في التنقيح ... ).

وعرف البوطي في رسالته "ضوابط المصلحة" (ص/330) المصالح المرسلة بقوله: (كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع دون أن يكون لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء).

شروط اعتبار المصالح المرسلة (?):

1 - لا تصادم نصا من الكتاب، أو السنة، ولا إجماعا، وإلا كانت مصلحة ملغاة؛ لأن معنى إرسالها أن الشارع لم يلغها ولم يعتبرها.

2 - لا تعارض القياس، فبين مطلق المصلحة والقياس أوجه اتفاق، وأوجه افتراق، إذ القياس إنما هو مراعاة مصلحة في فرع بناء على مساواته في علة حكمه المنصوص عليها ففي القياس مراعاة لمطلق المصلحة بعلة اعتبرها الشارع ... فكل قياس مراعاة للمصلحة وليس كل مراعاة للمصلحة قياسا، إذ تنفرد المصلحة بأن أحد أقسامها وهي المصلحة المرسلة، هي المصالح التي يراها المجتهد مما لا شاهد يؤيده من أصل يقاس عليه ولا دليل يلغيه من الوحي، وإن كانت مستندة إلى دليل ما اعتبره الشارع، غير أنه دليل لا يتناول أعيان هذه المصلحة بخصوصها، وإنما يتناوب الجنس البعيد لها، كجنس حفظ العقل والنسب والروح.

وإنما يقال ذلك في دليل المصلحة المرسلة؛ لأن هذا هو حالها حقيقة ولأن تجريدها من الدليل الشرعي الذي تستند عليه من قبيل التشهي النفسي والهوى.

لكن دليل المصلحة أقل من دليل القياس إذ دليل المصلحة يتناول الجنس البعيد للمصلحة وتنضوي ضمن مقاصد الشريعة وكلياتها العامة، أما دليل القياس فإنه يتناول عين الوصف المناسب، ويدل عليه صراحة كما في الوصف المؤثر، أو بواسطة جريان الشارع على وفقه كما في الوصف الملائم.

ومن أجل هذا الاختلاف في مرتبة كل من القياس والمصالح المرسلة وجب تقديم القياس على المصالح المرسلة، وعدم اعتبارها إذا تعارضت مع القياس، مع ملاحظة أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015