وأما الاختلاف من جهة كونها كفراً وعدمه فظاهر أيضاً، لأن ما هو كفر جزاؤه التخليد في العذاب ـ عافانا الله ـ ... فلا بدعة أعظم وزراً من بدعة تخرج عن الإسلام ... والله المستعان بفضله] (?).
ناقش د. الرحيلي في كتابه "موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع" مسألة: "موقف أهل السنة من حكم قبول أعمال أهل البدع عند الله" وذكر ما ورد فيها من آثار وتكلم عن توجيهات العلماء، وخاصة الشاطبي لها وموقفهم منها، وأخذ في الرد والتعقب حتى انتهى إلى هذه النتيجة حيث قال [حكم عمل المبتدع من حيث قبوله أو رده خاضع للضوابط المراعاة في قبول الأعمال عند الله على وجه العموم، فما تحققت فيه شروط القبول فهو مقبول إن شاء الله، وما فقد منها أحد شروط القبول فهو مردود.
وبناء على ذلك فالمبتدع إما أن يكون كافرا ببدعته أو لا.
فإن كان كافرا فعمله كله مردود لفقده شرط الإسلام الذي هو شرط قبول كل عمل صالح. وإن كان المبتدع غير كافر، فإما أن يكون عمله بدعة محضا أو لا، فإن كان عمله بدعة محضة فهو مردود لفقده شرط المتابعة، وكذلك ما فقد منها شرط الإخلاص فإنه مردود أيضا، وأما إن كان لعمله أصل في الشرع، فإما أن تدخل عليه البدعة أو لا، فإن لم يدخل عليه البدعة وكان خالصاً لله فهو مقبول، وإن دخلت عليه البدعة فإما أن تفسده - وذلك بإخلالها بشروط صحته - أو لا. فإن لم تخل بشروط صحته فهو مقبول، وإن أخلت بشروط صحته فهو مردود.
وعموما فإعمال المبتدع المسلم مرهونة بتوفر شرطي الإخلاص والمتابعة فمتى تحققا في العمل فهو مقبول، ومتى ما فقدهما أو أحدهما فهو مردود.
وأما ابتداعه في بعض الأعمال، فإنه لا يتصور أن يرد به ما كان صحيحا من أعماله، إذ ليس من شروط قبول العمل أن لا يكون صاحبه مبتدعا في غيره. وبذلك يكون قد اتضح حكم عمل المبتدع بكل صوره من حيث قبوله أو رده] (?).