بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (?).
روى النسائي بسند صحيح عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته: «يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» (?).
قال السندي في حاشيته على النسائي: "وأحسن الهدى هدى محمد هما بضم ففتح أو بفتح فسكون والأول بمعنى الإرشاد والثاني بمعنى الطريق".
ولما كان الأصل في صيغة التفضيل المشاركة في أصل الفعل، فقد يتوهم شخص مشاركة هدي غير هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - له في الحسن إعمالاً لمقتضى صيغة التفضيل.
وللإجابة على ذلك نقول: أن صيغة التفضيل قد ترد في القرآن، وفي اللغة مراداً بها مطلق الاتصاف، لا لتفضيل شيء على شيء، فمن ذلك أنهم في أساليب اللغة العربية إذا أرادوا تخصيص شيء بالفضيلة، دون غيره جاءوا بصيغة التفضيل، يريدون بها خصوص ذلك الشيء بالفضل، كقول حسان بن ثابت - رضي الله عنه - لأبي سفيان:
أتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ ... فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ