البدع الحوليه (صفحة 70)

فلما ولي المأمون الخلافة، اجتمع بجماعة من المعتزلة منهم بشر بن غياث المريسي، فخدعوه وأخذ عنهم المذهب الباطل، ودعا إليه، وحمل الناس عليه قهراً، فاستدعى نائبه (?) ببغداد جماعة من أئمة الحديث، فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا، فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق، فأجاب أكثرهم مكرهين، واستمر على الامتناع عن ذلك الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجند يسابوري، فحملا على بعير وسُيِّرا إلى الخليفة عن أمره بذلك وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد، فلما كانا ببلاد الرحبة (?) جاءهما رجل من الأعراب من عُبَّادهم، فسلم على الإمام أحمد وقال له: يا هذا! إنك وافد الناس فلا تكن شؤماً عليهم، وإنك رأس الناس اليوم، فإياك أن تحبيبهم إلى ما يدعونك إليه فيجيبوا، فتحمل أوزارهم يوم القيامة، وإن كنت تحب الله فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل، وإنك إن لم تقتل تمت، وإن عشت عشت حميداً. قال أحمد - رحمه الله -: وكان كلامه مما قوَّى عزمي على ما أنا فيه من الامتناع عن ذلك الذي يدعونني إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015