البدع الحوليه (صفحة 58)

كالجهمية (?) ، والقدرية (?) من المعتزلة وغيرهم، فصار أولئك يتكلمون في تأويل القرآن برأيهم الفاسد، وهذا أصل معروف لأهل البدع، أنهم يفسرون القرآن برأيهم العقلي، وتأويلهم اللغوي، فتفاسير المعتزلة مملوءة بتأويل النصوص المثبتة للصفات والقدر على غير ما أراده الله ورسوله فإنكار السلف والأئمة هو لهذه التأويلات الفاسدة، كما قال الإمام أحمد بن حنبل في ما كتبه في الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكَّت فيه من متشابه القرآن وتأوَّلته على غير تأويله، فهذا الذي أنكره السلف والأئمة من التأويل.

فجاء بعدهم قوم انتسبوا إلى السنة بغير خبرة تامة بها، وبما يخالفها ظنُّوا أن المتشابه لا يعلم معناها إلا الله، فظنُّوا أن معنى التأويل هو معناه في اصطلاح المتأخرين، وهو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى المرجوح، فصاروا في موضع يقولون وينصرون أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله ثم يتناقضون في ذلك من وجوه:

أحدهما: أنهم يقولون: النصوص تجري على ظواهرها، ولا يزيدون على المعنى الظاهر منها، ولهذا يبطلون كل تأويل يخالف الظاهر، ويقرون المعنى الظاهر، ويقولون مع هذا، إنَّ له تأويلاً لا يعلمه إلا الله، والتأويل عندهم ما يناقض الظاهر، فكيف يكون له تأويل يخالف الظاهر، وقد قرر معناه الظاهر؟! .

ومنها: أنا وجدنا هؤلاء كلهم لا يحتج عليهم بنص يخالف قولهم، لا في مسألة أصلية، ولا فرعية، إلا تأوَّلُوا ذلك النص بتأويلات متكلفة مستخرجة من جنس تحريف الكلم عن مواضعه، من جنس تأويلات الجهمية والقدرية للنصوص التي تخالفهم، فأين هذا من قولهم: لا يعلم معاني النصوص المتشابهة إلا الله تعالى؟!.

وهذا أحمد بن حنبل إمام أهل السنة الصابر في المحنة. لما صنف كتابه في الرد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015