((هل كان فيه وثن (?) من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعياده؟ قال: لا، قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)) (?) .
وجه الدلالة من الحديث:
أن هذا الناذر كان قد نذر أن يذبح نعماً: إما إبلاً وإما غنماً - على رواية أخرى (?) - بمكان سماه - بوانة- فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟)) قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟)) . قال: لا. قال: ((أوفِ بنذرك)) ، ثم قال: ((لا وفاء لنذر في معصية الله)) . وهذا يدلُّ على أن الذبح بمكان عيدهم، ومحل أوثانهم معصية لله، من وجوهٍ:
أحدها: أن قوله: ((فأوف بنذرك)) (?) تعقيب للوصف بالحكم بحرف الفاء، وذلك يدلُّ على أن الوصف هو سبب الحكم، فيكون سبب الأمر بالوفاء: وجود النذر خالياً من هذين الوصفين، فيكون الوصفان ما نعين من الوفاء، ولو لم يكن معصية لجاز الوفاء به.
الثاني: أنه عقّب ذلك بقوله: ((لا وفاء لنذر في معصية الله)) . ولولا اندراج الصورة المسئول عنها في اللفظ العام، لم يكن في الكلام ارتباط، والمنذور في نفسه -وإن لم يكن معصية- لكن لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن الصورتين قال له:
((فأوف بنذرك)) . يعني: حيث ليس هناك ما يوجب تحريم الذبح هناك فكان جوابه صلى الله عليه وسلم فيه أمر بالوفاء عند الخلو من هذا، ونهي عن وجود هذا، وأصل الوفاء بالنذر معلوم، فبيَّن ما لا وفاء فيه. واللفظ العام إذا ورد على سبب، فلا بدَّ أن يكون السبب مندرجاً فيه.
الثالث: أنه لو كان الذبح في مواضع العيد جائز لسوغ النبي صلى الله عليه وسلم للناذر الوفاء، كما سوغ لمن نذرت الضرب بالدف أن تضرب به (?) . بل لأوجب الوفاء به، إذا كان الذبح بالمكان المنذور واجباً، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهياً عنه، فكيف بالموافقة