البدع الحوليه (صفحة 381)

مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ... } (?) . وقال فيهم سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ....} (?) . وهم المنافقون الذين تولوا اليهود (?) . باتفاق أهل التفسير، وسياق الآية يدلُّ على ذلك. قال تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ... } (?)

ففي الآيات السابقة بيان بأن اليهود هم المغضوب عليهم. والضالين: هم النصارى الذين قال الله تعالى فيهم: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ... } إلى قوله عز وجل: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (?) . وهذا خطاب للنصارى كما دلَّ عليه السياق، ولهذا نهاهم عن الغلو، وهو مجاوزة الحدّ، كما نهاهم في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ....} الآية (?) .

واليهود مقصرون عن الحق، والنصارى غالون فيه. فكفر اليهود أصله من جهة عدم العمل بعلمهم، فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه عملاً، أو لا قولاً ولا عملاً.

وكفر النصارى من جهة علمهم بلا علم، فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله، ويقولون على الله مالا يعلمون.

ولهذا كان السلف: سفيان بن عيينة وغيره يقولون: إن من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى.

ومع أن الله قد حذَّرنا سبيلهم، فقضاؤه -عزَّ وجل- نافذ بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما سبق في علمه، حيث قال فيما خرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015