فالاستدلال بصوم يوم الاثنين على جواز الاحتفال ببدعة المولد في غاية التكلف والبعد (?) .
إذا كان المراد من إقامة المولد هو شكر الله تعالى على نعمة ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه، فإن المعقول والمنقول يحتم أن يكون الشكر من نوع ما شكر الرسول صلى الله عليه وسلم ربه به، وهو الصوم وعليه فلنصم كما صام، غير أن أرباب الموالد لا يصومونه؛ لأنَّ الصيام فيه مقاومة لشهوات النفس بحرمانها من لذة الطعام والشراب، وهم يريدون ذلك-الطعام والشراب- فتعارض الغرضان، فآثارون ما يحبون على ما يحب الله، وهذا بعينه أعظم الزلل عند أهل البصرة (?) .
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضف إلى الصيام احتفالاً كاحتفال أرباب الموالد، من تجمعات ومدائح وأنغام وطعام وشراب، أفلا يكفي الأمة ما كفى نبيها ويسعها ما وسعه؟ وهل يقدر عاقل أن يقول: لا. وإذن فلم الافتيات على الشارع، والتقدم بالزيادة عليه، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (?) .
ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (?) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلاله)) (?) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حد حدوداً فلا تعتدوها، وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء في غير نسيان ولكن رحمة لكم فاقبلوها ولا تبحثوا عنها)) (?) .