إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه، قد يخلق منها أعياناً مشؤمة على من قاربها وسكنها وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولداً مباركاً، يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولداً فكذلك الدار والمرأة والفرس. والله سبحانه خالق الخير والشر من قارنها، وحصول اليمن له والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوساً يتنحس بها من قارنها، وكل ذلك بقضائه وقدره، كما خلق سائر الأسباب، وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة، فكما خلق المسك (?) وغيره من حامل الأرواح الطيبة، ولذذ بها من قارنها من الناس، وخلق ضدها وجعلها سبباً لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس، فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر (?) .
ولهذا يشرع لمن استفاد زوجة أو أمة أو دابة، أن يسأل الله تعالى من خيرها، وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ به من شرها وشر ما جبلت عليه، كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (?) ، وكذلك ينبغي لمن سكن داراً أن يفعل ذلك، وقد أمر صلى الله عليه وسلم قوماً سكنوا داراً فقلَّ عددهم، وقلَّ مالهم أن يتركوها ذميمة (?) .
فترك ما لا يجد الإنسان فيه بركة، من دار أو زوجة أو دابة، منهي عنه، وكذلك من اتّجر في شيء فلم يربح فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له)) (?) .