ذكر فِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدِيث عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «إِن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - دخل عليَّ مَسْرُورا، تبرق أسارير وَجهه، فَقَالَ: ألم تَرَ أَن مُجَزِّزًا المدلجي نظر إِلَى زيد بن حَارِثَة وَأُسَامَة بن زيد قد غطيا رءوسهما بقطيفة وبدت أقدامهما، فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض» .
وَهُوَ حَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» قَالَ الْأَئِمَّة: وَسبب سروره أَن الْمُشْركين كَانُوا يطعنون فِي نسب أُسَامَة؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَويلا أقنى الْأنف أسود، وَكَانَ زيد قَصِيرا أخنس الْأنف بَين السوَاد وَالْبَيَاض، وَقصد بعض الْمُنَافِقين بالطعن مغايظة رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -؛ لِأَنَّهُمَا كَانَ حبه، فَلَمَّا قَالَ المدلجي ذَلِك وَهُوَ لَا يرَى إِلَّا أقدامهما سره ذَلِك، كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَالَّذِي فِي أبي دَاوُد «أَن أُسَامَة أسود وَزيد أَبيض» وَنقل عبد الْحق عَن أبي دَاوُد «أَن زيدا كَانَ شَدِيد الْبيَاض» وَكَذَا قَالَ البندنجي فِي «الذَّخِيرَة» وَالْقَاضِي حُسَيْن، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: إِن زيدا كَانَ أَخْضَر اللَّوْن. وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن سعد: كَانَ أُسَامَة أسود مثل اللَّيْل وَزيد أَبيض أشعر أَحْمَر.
قلت: وَكله خلاف مَا ذكره الرَّافِعِيّ، وَأما كَونهمَا كَانَا حبه فَفِي