أَحدهمَا: اخْتلف الْعلمَاء فِي مَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام «من أحصاها دخل الْجنَّة» عَلَى أَرْبَعَة أَقْوَال حَكَاهَا الْخطابِيّ.
أَحدهَا: وَبِه فسر البُخَارِيّ وَالْأَكْثَرُونَ أَن مَعْنَاهُ: حفظهَا. وتؤيدها رِوَايَة مُسلم السَّابِقَة: «من حفظهَا دخل الْجنَّة» وَكَذَا رَوَاهُ الْمحَاربي عَلَى مَا سبق.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ: من عرف مَعَانِيهَا وآمن بهَا.
وَالثَّالِث: من أطاقها بِحسن الرِّعَايَة لَهَا وتخلق بِمَا يُمكنهُ من الْعَمَل بمعانيها.
وَالرَّابِع: مَعْنَاهُ أَن يقْرَأ الْقُرْآن حَتَّى يختمه [فَإِنَّهُ] يَسْتَوْفِي هَذِه الْأَسْمَاء كلهَا فِي أَضْعَاف التِّلَاوَة؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: من حفظ الْقُرْآن وقرأه فقد اسْتحق دُخُول الْجنَّة، وَذهب إِلَى نَحْو من هَذَا: أَبُو عبد الله الزبيري، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: جعل - أَعنِي: الزبيري - عَلَى هَذَا التَّأْوِيل أَسمَاء الله كلهَا مَوْجُودَة فِي الْقُرْآن. قَالَ: وَقد أخرجهَا عَنهُ فَوَجَدَهَا مائَة وَثَلَاثَة عشر اسْما. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي «أَحْكَامه» أَنَّهَا نزلت إِلَى ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة من الْكتاب وَالسّنة، وَذكر الْأَئِمَّة. وَذكر فِي كتاب «الأمد» أَنه اجْتمع لَهُ مِائَتَا اسْم وَسَبْعَة وَسِتُّونَ اسْما. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَالصَّحِيح أَن المُرَاد الإحصاء أَمر زَائِد عَلَى الْعد وَالْحِفْظ. قَالَ ابْن الْحصار: وأظن أَنِّي رَأَيْت فِي بعض التواليف أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا من أحصى جَمِيع الْأَسْمَاء الْحُسْنَى. وَهَذَا إفراط وَجَهل، وَقَائِل هَذِه الْمقَالة يكفر كثيرا