الآخر، وَإِن سبق الآخر أَخذ مَا أخرج الأول جَازَ؛ لما رُوِيَ «أَن النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - مر بحزبين من الْأَنْصَار يتناضلون وَقد سبق أَحدهمَا الآخر، فأقرهما عَلَى ذَلِك» وَعَن مَالك أَنه لَا يجوز، لِأَنَّهُ قمار، وَأجَاب الْأَصْحَاب بِأَن الْقمَار أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مترددًا بَين أَن يغنم وَيغرم، وليسا أَولا أحد مِنْهُمَا كَذَلِك، أما الْمخْرج فَإِنَّهُ يتَرَدَّد بَين أَن يغرم وَبَين أَن لَا يغرم وَلَا يغنم بِحَال وَأما الآخر فمتردد بَين أَن يغنم وَبَين أَن لَا يغنم وَلَا يغرم بِحَال. هَذَا آخر كَلَام الرَّافِعِيّ.
وَهَذَا الحَدِيث لَا أعلم من خرجه وَلَا دلَالَة فِيهِ للْمُدَّعِي.
قَالَ الرَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِن ذكرا غَايَة لَا يصبهَا السهْم بَطَل العقد، وَإِن كَانَت الْإِصَابَة فِيهَا نادرة فَفِيهِ الْوَجْهَانِ وَالْقَوْلَان فِي الشُّرُوط النادرة، وَقدر الْأَصْحَاب الْمسَافَة الَّتِي تقرب بِموضع الْإِصَابَة فِيهَا بمائتين وَخمسين ذِرَاعا، وَقد رُوِيَ عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَنه قيل لَهُ: كَيفَ كُنْتُم تقاتلون الْعَدو؟ فَقَالَ: إِذا كَانُوا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخمسين ذِرَاعا قاتلناهم بِالْحِجَارَةِ، وَإِذا كَانُوا عَلَى أقل من ذَلِك قاتلناهم بِالسَّيْفِ. قَالَ: وقدروا الْمسَافَة [الَّتِي يتَعَذَّر فِيهِ] الْإِصَابَة بِمَا زَاد عَلَى ثَلَاثمِائَة وَخمسين، وَرووا أَنه لم يرم إِلَى أَرْبَعمِائَة إِلَّا عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ، وَجعلُوا مَا بَين المقدارين فِي حد النَّادِر. هَذَا كَلَام الرَّافِعِيّ.
وَأخرج الحَدِيث الْمَذْكُور بِنَحْوِهِ وَالطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه»