قَالَ ابْن الْمُنْذر: هُوَ حَدِيث صَحِيح. قَالَ أَبُو قلَابَة: أخذُوا بِهِ السَّائِمَة مائَة. وَغير ذَلِك من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الثَّابِتَة فِي الْأَمر بهما. وَقد ذكر الْبَيْهَقِيّ جملَة مِنْهَا فِي «سنَنه» فَإِذا تقرر هَذَا فيجاب عَن حَدِيث «لَا فرع وَلَا عتيرة» السالف بأجوبة:
أَحدهَا: جَوَاب الشَّافِعِي: أَن المُرَاد الْوُجُوب، أَي: لَا فرع وَاجِب وَلَا عتيرة وَاجِبَة.
ثَانِيهَا: أَن المُرَاد نفي مَا كَانُوا يذبحونه لأصنامهم إِلَيْهَا فَإِنَّهُمَا ليسَا كالأضحية فِي الِاسْتِحْبَاب وَفِي ثَوَاب إِرَاقَة الدَّم، فَأَما تَفْرِقَة اللَّحْم عَلَى الْمَسَاكِين فبر وَصدقَة، وَقد نَص الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي «سنَن حَرْمَلَة» أَنَّهُمَا إِن تيسرا كل شهر كَانَ حسنا. وَادَّعَى القَاضِي عِيَاض أَن جَمَاهِير الْعلمَاء عَلَى نسخ الْأَمر بالفرع وَالْعَتِيرَة.
هَذَا آخر مَا ذكره الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي هَذَا الْبَاب من الْأَحَادِيث، وَذكر فِيهِ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - أَنه كَانَ إِذا ولد لَهُ ابْن أذن فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَأقَام فِي الْيُسْرَى. وأصحابنا يتواترون عَلَى نقل هَذَا عَنهُ، وَلَعَلَّه بلغه مَا رَوَى ابْن السّني عَن الْحُسَيْن بن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «من ولد لَهُ مَوْلُود فَأذن فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَأقَام فِي الْيُسْرَى لم تضره أم الصّبيان» .