وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الصَّحِيح عِنْدِي أَنه مَوْقُوف. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِاللَّفْظِ الثَّانِي مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره: قَالَ الشَّافِعِي: فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة عَلَى أَن الضحية لَيست بِوَاجِب لقَوْله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي» وَلَو كَانَت الضحية وَاجِبَة أشبه أَن يَقُول: فَلَا يمس من شعره حَتَّى يُضحي. قَالَ أَصْحَابنَا: وَالْحكمَة فِي النَّهْي أَن يَبْقَى كَامِل الْأَجْزَاء ليعتق من النَّار.
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي أثْنَاء الْبَاب: وَقد ورد أَن الله - تَعَالَى - يعْتق بِكُل عُضْو من الضحية عضوا من المضحي. وَهَذَا غَرِيب لَا يحضرني من خرجه.
وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» : إِنَّه حَدِيث غير مَعْرُوف وَإنَّهُ لم يجد لَهُ سندًا يثبت بِهِ. هَذَا كَلَامه.
قلت: وَفِي «مُعْجم الطَّبَرَانِيّ» نَحوه من حَدِيث أبي دَاوُد النَّخعِيّ، عَن عبد الله بن حسن بن حسن، عَن أَبِيه، عَن جده مَرْفُوعا: «من ضحى طيبَة بهَا نَفسه محتسبًا بأضحيته كَانَت لَهُ حِجَابا من النَّار» .
وَأَبُو دَاوُد هَذَا كَذَّاب، قَالَ أَحْمد: كَانَ يضع الحَدِيث. وَمن الْعلمَاء من أبدى لذَلِك حِكْمَة أُخْرَى وَهِي التَّشَبُّه بالمحرم، وَللشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْله: «لَا يمس من شعره وبشره» تَأْوِيلَانِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد من الشّعْر شعر الرَّأْس وَمن الْبشر شعر الْبدن. وَعَلَى هَذَا لَا يكره تقليم الْأَظْفَار، وَقد سلف التَّصْرِيح بِأَنَّهُ لَا يقلم الظفر، فَالْقَوْل بِعَدَمِ الْكَرَاهَة بعيد.