أَحدهَا: «أَن الهرمزان لما حمله أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إِلَى عمر فَقَالَ لَهُ عمر: تكلم لَا بَأْس عَلَيْك. ثمَّ أَرَادَ قَتله، فَقَالَ أنس: لَيْسَ لَك إِلَى قَتله سَبِيل قلت لَهُ: تكلم لَا بَأْس عَلَيْك» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ [الْبَيْهَقِيّ] من طَرِيق الشَّافِعِي، أَنا الثَّقَفِيّ، عَن حميد، عَن أنس بن مَالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «حاصرنا تستر فَنزل الهرمزان عَلَى حكم عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَقدمت بِهِ عَلَى عمر، فَلَمَّا انتهينا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: تكلم. قَالَ: كَلَام حَيّ أَو كَلَام ميت؟ قَالَ: تكلم لَا بَأْس. قَالَ: إِنَّا وَإِيَّاكُم يَا (معشر) الْعَرَب مَا خَلى الله بَيْننَا وَبَيْنكُم، كُنَّا نتعبدكم ونقتلكم ونغصبكم، فَلَمَّا كَانَ الله مَعكُمْ لم يكن لنا يدان. فَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: مَا تَقول؟ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، تركت بعدِي عدوًّا كثيرًّا وشوكة شَدِيدَة، فَإِن قتلته يئس الْقَوْم من الْحَيَاة وَيكون أَشد لشوكتهم. فَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أستحيي قَاتل الْبَراء بن مَالك ومجزأة بن ثَوْر! فَلَمَّا خشيت أَن يقْتله، قلت: لَيْسَ إِلَى قَتله سَبِيل؛ قد قلت لَهُ: تكلم لَا بَأْس. فَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. ارتشيت وأصبت مِنْهُ؟ ! فَقَالَ: وَالله مَا ارتشيت وَلَا أصبت مِنْهُ. قَالَ: لتَأْتِيني عَلَى مَا شهِدت [بِهِ] بغيرك أَو لابد أَن تشهد بعقوبتك. قَالَ: فَخرجت فَلَقِيت الزبير بن الْعَوام فَشهد معي، وَأمْسك عمر، وَأسلم [الهرمزان] وَفرض لَهُ» .