البدر المنير (صفحة 3988)

أَصْحَاب الحَدِيث، ثمَّ غلطهم فِيهِ وَصوب الإسكان. وَقَوله: «فَإِذا أتبع» قَالَ صَاحب الْبَحْر من أَصْحَابنَا: أَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: «اتبع» بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ غلط، وَصَوَابه بِأَلف مَضْمُومَة وباء مُخَفّفَة.

قلت: و «اتبع» يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وعدى هُنَا بِعلَى (تصحيبًا) لَهُ بِمَعْنى أُحِيل، وَنقل الرَّافِعِيّ عَن الْجَوْهَرِي أَنه قَالَ: يُقَال: أتبع فلَان بفلان؛ أَي: أُحِيل لَهُ عَلَيْهِ، و (التبيع) الَّذِي لَك عَلَيْهِ (مَال) وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَهُوَ كَذَلِك فِيمَا قَالَ الرَّافِعِيّ: ثمَّ الْأَشْهر فِي الرِّوَايَة «وَإِذا أُحِيل أحدكُم» بِالْوَاو. قلت: هِيَ رِوَايَة الشَّافِعِي وم وت. قَالَ: وَيروَى: «فَإِذا أُحِيل أحدكُم» بِالْفَاءِ. قلت: هِيَ رِوَايَة خَ (لكنه) قَالَ: «فَإِذا أتبع» بدل «فَإِذا أُحِيل» . قَالَ: فعلَى التَّقْدِير الأول هُوَ مَعَ قَوْله: «مطل الْغَنِيّ ظلم» جملتان لَا تعلق للثَّانِيَة بِالْأولَى؛ كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ: «الْعَارِية مَرْدُودَة، والزعيم غَارِم» وَعَلَى الثَّانِي يجوز أَن يكون الْمَعْنى فِي التَّرْتِيب أَنه إِذا كَانَ المطل ظلما من الْغَنِيّ (فليقبل من حيل بِدِينِهِ عَلَيْهِ) فَإِن الظَّاهِر أَنه يحْتَرز عَن الظُّلم وَلَا يمطل. وَهَذَا إِذا كَانَ الْوَصْف بِالْمَعْنَى يعود إِلَى من عَلَيْهِ الدَّين، وَقد قيل: إِنَّه يعود إِلَى من لَهُ الدَّين، وَعَلَى هَذَا لَا يحْتَاج أَن يذكر فِي التَّقْدِير من الْغَنِيّ. نبه عَلَيْهِ صَاحب «الْمطلب» قَالَ الرَّافِعِيّ: ثمَّ قَوْله: «فَليَحْتَلْ» أَو «فَليتبعْ» أَمر اسْتِحْبَاب، وَعند أَحْمد للْوُجُوب. قلت: وَعند غَيرهمَا للْإِبَاحَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015