عَن ابْن الْمُنْذر أَنه قَالَ: أحسن مَا سَمِعت فِي هَذَا الحَدِيث أَنه مَنْسُوخ؛
لِأَن الْجِمَاع فِي أول الْإِسْلَام كَانَ محرما عَلَى الصَّائِم فِي اللَّيْل بعد النّوم
كالطعام وَالشرَاب، فَلَمَّا أَبَاحَ الله - تَعَالَى - الْجِمَاع إِلَى طُلُوع الْفجْر جَازَ
للْجنب إِذا أصبح قبل الِاغْتِسَال أَن يَصُوم، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يُفْتِي بِمَا
سَمعه من الْفضل بن عَبَّاس، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الْأَمر الأول، وَلم يعلم
النّسخ، فَلَمَّا سمع خبر عَائِشَة وَأم سَلمَة رَجَعَ إِلَيْهِ، وَأجَاب الرَّافِعِيّ (?) فِي
الْكتاب وَغَيره بِأَنَّهُ مَحْمُول عِنْد الْأَئِمَّة عَلَى مَا إِذا أصبح مجامعاً واستدامه
مَعَ علمه بِالْفَجْرِ. وَأجَاب ابْن الْجَوْزِيّ فِي «إِعْلَامه» بِحمْلِهِ عَلَى من أجنب
من الْجِمَاع بعد طُلُوع الْفجْر، وَفِيه بعد.
عَن معَاذ: " كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا أفطر قَالَ: اللَّهُمَّ لَك صمت
وَعَلَى رزقك أفطرت " (?) .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» (?) بِهَذَا اللَّفْظ عَن مُسَدّد، نَا
هشيم، عَن حُصَيْن، عَن معَاذ بن زهرَة أَنه بلغه " أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ إِذا
أفطر قَالَ ... " (فَذكره) (?) وَهَذَا إِسْنَاد حسن لكنه مُرْسل؛ معَاذ بن زهرَة لم
يدْرك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَأخرجه الْبَغَوِيّ فِي «شرح السّنة» (?) كَذَلِك وَلم يذكر فِيهِ
أَنه بلغه، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مُتَّصِلا أَيْضا، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي
«سنَنه» (?) من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا وَقَالَ: " صمنا وأفطرنا " بدل: