(لاكفر في الدُّنْيَا على كلّ الورى ... إن كَانَ هَذَا القَوْل دون نصابه)
(قد ألزمونا أن ندين بكفرهم ... وَالْكفْر شَرّ الْخلق من يرضى بِهِ)
(فدع التعسف في التأول لَا تكن ... كفتى يُغطي جيفة بثيابه)
(قد صَرَّحُوا أَن الذي يبغونه ... هُوَ ظَاهر الْأَمر الَّذِي قُلْنَا بِهِ)
(هذي فتوحات الشؤم شَوَاهِد ... أَن المُرَاد لَهُ نُصُوص كِتَابه)
(وَقد أوضحت في تِلْكَ الرسَالَة حَال كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ وأوردت نُصُوص كتبهمْ وبينت أَقْوَال الْعلمَاء في شَأْنهمْ
وَكَانَ تَحْرِير هَذَا الْجَواب فِي عنفوان الشَّبَاب وَأَنا الْآن أتوقف في حَال هَؤُلَاءِ وأتبرأ من كل مَا كَانَ من أَقْوَالهم وأفعالهم مُخَالفا لهَذِهِ الشَّرِيعَة الْبَيْضَاء الْوَاضِحَة الَّتِى لَيْلهَا كنهارها وَلم يتعبدني الله بتكفير من صَار في ظَاهر أمره من أهل الْإِسْلَام
وهب أَن المُرَاد بِمَا في كتبهمْ وَمَا نقل عَنْهُم من الْكَلِمَات المستنكرة الْمَعْنى الظَّاهِر والمدلول العربي وَأَنه قَاض على قَائِله بالْكفْر البواح والضلال الصراح فَمن أَيْن لنا أَن قَائِله لم يتب عَنهُ وَنحن لَو كُنَّا فِي عصره بل فِي مصره بل في منزله الذي يعالج فِيهِ سَكَرَات الْمَوْت لم يكن لنا إِلَى الْقطع بِعَدَمِ التَّوْبَة سَبِيل لِأَنَّهَا تقع من العَبْد بِمُجَرَّد عقد الْقلب مالم يُغَرْغر بِالْمَوْتِ فَكيف وبيننا وَبينهمْ من السنين عدَّة مئين
وَلَا يَصح الِاعْتِرَاض على هَذَا بالكفار فَيُقَال هَذَا التجويز مُمكن في الْكفَّار على اخْتِلَاف أنواعهم لأَنا نقُول فرق بَين من أَصله الْإِسْلَام وَمن أَصله الْكفْر فَإِن الْحمل على الأَصْل مَعَ اللّبْس هُوَ الْوَاجِب لاسيما وَالْخُرُوج من الْكفْر إِلَى الْإِسْلَام لَا يكون إِلَّا بأقوال وأفعال لَا بِمُجَرَّد عقد الْقلب والتوجه بِالنِّيَّةِ المشتملين على النَّدَم والعزم على عدم المعاودة فَإِن ذَلِك يكفي في التَّوْبَة وَلَا يكفي في مصير