طَائِفَة كَثِيرَة من النَّاس وهجم الْكَنِيسَة وَنكل النَّصَارَى وَبلغ مِنْهُم مبلغاً عَظِيما وَعَاد إلى الْجَامِع وأهان من فعل ذَلِك وَكثر من الوقيعة فِي خَطِيبه فَبلغ السُّلْطَان فأمر بإحضار الْقُضَاة وَفِيهِمْ ابْن الْوَكِيل وأحضر صَاحب التَّرْجَمَة فَتكلم وَوعظ وَذكر آيَات من الْقُرْآن وَأَحَادِيث وَاتفقَ أَنه أغْلظ فِي عبارَة السُّلْطَان ثمَّ قَالَ أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد سُلْطَان جاير فَاشْتَدَّ غضب السُّلْطَان وَقَالَ لَهُ أَنا جاير قَالَ نعم أَنْت سلطت الأقباط على الْمُسلمين وقوّيت أَمرهم فَلم يَتَمَالَك السُّلْطَان أَن أَخذ السَّيْف وهمّ بِالْقيامِ ليضربه فبادر بعض الْأُمَرَاء وَأمْسك يَده فَالْتَفت إلى قاضي الْمَالِكِيَّة وَقَالَ يَا قاضى تجرأ على هَذَا مَا الذي يجب عَلَيْهِ فَقَالَ القاضي لم يقل شَيْئا يُوجب عُقُوبَة فصاح السُّلْطَان بِصَاحِب التَّرْجَمَة وَقَالَ اخْرُج عَنى فَقَامَ وَخرج فَقَالَ ابْن جمَاعَة قد تجرأ وَمَا بقي إلا أَن يزاحم السُّلْطَان فانزعج السُّلْطَان وَقَالَ اقْطَعُوا لِسَانه فبادر الْأُمَرَاء ليفعلوا بِهِ ذَلِك وأحضروا صَاحب التَّرْجَمَة فارتعد وَصَاح واستغاث بالأمراء فرقوا لَهُ وألحو على السُّلْطَان فِي الشَّفَاعَة وَدخل ابْن الْوَكِيل وَهُوَ ينتحب ويبكي فَظن السُّلْطَان أَنه أَصَابَهُ شئ فَقَالَ لَهُ خير خير فَقَالَ هَذَا رجل عَالم صَالح لكنه ناشف الدِّمَاغ قَالَ صدقت وَسكن غَضَبه فَانْظُر مَا فعله ابْن جمَاعَة بكلمته الحمقاء وَمَا فعله صدر الدَّين بن الْوَكِيل رَحمَه الله من التَّوَصُّل إلى سَلامَة هَذَا الْمِسْكِين وَهَكَذَا ينبغي لمن كَانَ لَهُ قبُول عِنْد السلاطين أَن يتحيل عَلَيْهِم فِي مَنَافِع الْمُسلمين وحقن دِمَائِهِمْ بِمَا أمكنه فإن صَاحب التَّرْجَمَة لم يكن ناشف الدِّمَاغ وَلكنه كَانَ فِي هَذِه الْوَسِيلَة سَلَامَته من تِلْكَ البلية وَمَات فِي شهر ربيع الآخر سنة 724 أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة