خُفْيَة وَبرهن على ذَلِك بأمارات وعلامات وأنه صمم على قَتله بالسم أَو غَيره إن لم يمت عَاجلا من الْمَرَض مَعَ مَا فِي نَفسه من محبَّة الاستبداد وإنه يعد الأمراء بمواعيد فَحِينَئِذٍ أذن السُّلْطَان لبَعض خواصه أَن يُعْطِيهِ مَا يكون سَببا لقَتله من غير إسراع فدسوا إليه من سقَاهُ من المَاء الذي يطفى فِيهِ الْحَدِيد فَلَمَّا شربه أحس بالمغص فِي جزفه فعالجه الْأَطِبَّاء مُدَّة وَنَدم السُّلْطَان على مَا فرط مِنْهُ وَأمر الْأَطِبَّاء بِالِاجْتِهَادِ فِي علاجه فلازموه نصف شهر إلى أَن تراجعت إليه بعض الصِّحَّة وَركب فِي محفة وَكَاد أَن يتعافى فدسوا عَلَيْهِ من سقَاهُ ثَانِيًا من غير علم أَبِيه فانتكس وَاسْتمرّ إلى خَامِس عشر جُمَادَى الأولى وَنزل أَبوهُ لعيادته ثمَّ مَاتَ فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وَاشْتَدَّ جزع أَبِيه عَلَيْهِ إلا أَنه تجلد وأسف النَّاس كَافَّة على فَقده وشاع بَينهم أن أَبَاهُ سمه إِلَّا أَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ التَّصْرِيح بذلك قَالَ السخاوي وَلم يَعش أَبوهُ بعده سوى سِتَّة أشهر وأياماً كدأب من قتل أَبَاهُ أَو ابْنه على الْملك فَتلك عَادَة مُسْتَقِرَّة وَطَرِيقَة مستقرأة وَكَذَا قَالَ ابْن حجر وَصَارَ الَّذين حسّنوا لَهُ ذَلِك الْفِعْل يبالغون فِي ذكر معايبه وينسبونه إلى الإسراف على نَفسه والتبذير والمجاهرة بِالْفِسْقِ من اللواط وَالزِّنَا وَالْخمر والتعرّض لحرم أَبِيه وَغير ذَلِك مِمَّا كَانَ برَاء عَن أَكْثَره وَعند الله يجْتَمع الْخُصُوم وخطب ابْن خطيب الناصرية يَوْم مَوته وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة خطْبَة حَسَنَة سبك فِيهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب وَلَا نقُول مَا يسْخط الرب وإنا عَلَيْك يَا إبراهيم لَمَحْزُونُونَ فأبكى السُّلْطَان وَمن حضر وَبعد مَوته وَقع الْخلَل فِي دولة وَالِده السُّلْطَان وَمَات