بدأ بالطهارة كما فعله غيره من المصنفين في الأحكام الشرعية اهتماما بالأمور الدينية وتقديما لها على المصالح الدنيوية، ولِمَا في الصحيحَيْن عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ (أ): شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج" (?)، فرتبوها على هذا الترتيب المتين، وقدموا الظهارة لأنها مِفتاح الصلاة التي هي عماد الدين، وهي بالماء أصل وبالتراب فرع فَقُامَتْ أحكام المياه، ولم يذكر أحاديث الشهادتين، لأن مبنى الإسلام عليهما (?)، والكتاب إنما هو في محض الأحكام بعد تقرر الإيمان.
"والكتاب" مصدَر كَتَبَ كتابًا وكتابة، ومادة "كتب" دالة على معنى الجَمع والضم، ومنه الكتيبة والكتابة، استعملوا ذلك فيما يجمع أشياء من الأبواب والفصول الجامعة للمسائل.
والضم فيه (ب) بالنسبة إلى المكتوب من الحروف حقيقة، وبالنسبة إلى المعاني مجاز (?).
"والطهارة": مصدر طهر يطهر، وهو لازم، فهي الوصف القائم بالفاعل شاملة للمعنى القائم بالذات المتجردة (جـ) عن الحَدَث والنجس أو عن أحدهما،