واعلم أن مباشرة الحائض على ضربين: ضرب مجمع على جوازه إلا ما يحكى عن عَبِيْدَة السلماني (?) من أنه لا يباشر شيئًا منها بشيء منه، لكنه شاذ منكر غير معروف ولا مقبول مسبوق بالإجماع محجوج بالأحاديث الصحيحة. والضرب الثاني فيما داخل الإزار وهو ما بين السرة والركبة في غير الفرجين، فذهب الهادي ومالك (?) ومحمد أَن ذلك جائز غير مكروه، وقال القاسم (?) إن ذلك مكروه، وقال أَبو حنيفة وأحد قولي الشافعي (?) أن ذلك محظور. والقول الأول أقوى، لقوله: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" وقد عرفت توجيه اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم، وممن ذهب إليه من السلف عكرمة ومجاهد والشعبي والنخعي والحكم والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وأصبغ وإسحق بن راهويه وأبو ثور وابن المنذر وداود (?)، وممن ذهب إلى التحريم من السلف سعيد بن المسيب وشريح وطاوس وعطاء وسليمان بن يسار وقتادة، وقول لأصحاب الشافعي إن كان المباشر يضبط نفسه عن الفرج ويثق من نفسه باجتنابه إما لضعف شهوته، وإما لشدة ورعه جاز وإلا فلا. وهذا وجه حسن. وهذا هو الذي أشارت إليه عائشة - رضي الله عنها - حيث قالت: "وأيكم (أ) يملك إربه" (?).
119 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: "يتصدق بدينار أو نصف دينار" رواه الخمسة وصححه الحاكم وابن القطان ورجح غيرهما وقفه (?).