وقد أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (?) عن القاسم مولى معاوية أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تداين بدين وهو يريد أن يقضيه، وحريص على أن يؤديه، فمات ولم يقض دينه، فإن الله تعالى قادر على أن يُرضي غريمه بما شاء من عنده، ويغفر للمتوفى، ومن تداين وهو لا يريد أن يقضيه، فمات على ذلك ولم يقض دينه، يقال له: أظننت أنّا لا نوفي فلانًا حقه منك؟ فيؤخذ من حسناته فيجعل زيادة في حسنات رب الدين، وإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات رب الدين فتُجعل في سيئات الظالم".

فتكون الاستعاذة من الدين الذي لا يقدر المدين على قضائه، وإذا علم من يريد الاستدانة من حاله أنه لا يتمكن من قضاء الدين حرم الاستدانة عليه، وهو الذي ورد عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله". أخرجه البخاري، وقد تقدم (?).

فمن علم من حاله أنه لا يتمكن من القضاء فقد أراد إتلافها، وقد قالت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم والمأثم! -والمغرم هو الدين، والمأثم الإثم- قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف" (?).

فالمستدين متعرض لهذا الأمر العظيم؛ فإنه قد يسأله صاحب الدين وهو لا يتمكن من القضاء في الحال، فيكون منه الوعد الذي لا يفي فيه بما وعد، فالاستعاذة من الدين سدّ للذريعة من الوقوع في هذا المحذور، وقد عوفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015