بخلاف "أم" فإنها تعم، وخص النبي - صلى الله عليه وسلم - الأم بالذكر هنا وإن كان الأب مثلها إظهارًا لعظم موقع عقوقها، وضابط العقوق المحرم هو أن يحصل من الولد للأبوين أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين عرفا، فيخرج من هذا ما إذا حصل من الأبوين أمر أو نهي فخالفهما بما لا يعد في العرف مخالفته عقوقا، فلا يكون ذلك عقوقا، وكذلك لو كان على الأبوين مثلًا دين للولد أو حق شرعي فرافعه إلى الحاكم فلا يكون ذلك عقوقا، كما وقع من بعض أولاد الصحابة شكاية الأب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في اجتياحه لماله، فلم يعد النبي - صلى الله عليه وسلم - شكايته عقوقا (?). فعلى هذا العقوق أن يؤذي الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرما من جملة الصغائر، فيكون ذلك في حق الأبوين كبيرة أو مخالفة الأمر أو النهي فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه في غير الجهاد الواجب عليه، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس لطلب علم نافع ولا كسب أو فيه وقيعة في العرض، [أو] (أ) ترك تعطم الوالدين، فإنه لو قدم عليه أحدهما ولم يقم إليه أو قطب (?) في (ب) وجهه، فإن هذا وإن لم يكن في حق الغير معصية فهو عقوق في حق الأبوين، وقد ذكر معنى هذا التحقيق البُلقيني في "فتاويه" وهذا خلاصته مع تصحيح في بعض أطرافه.